شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح نظم البرهانية
69112 مشاهدة
اختلاف العلماء في توريث ذوي الأرحام

باب: ذوي الأرحام
ثـم المـراد بـذوي الأرحـــام
غـير ذوي التعصيـب والسـهام
وقـد أتـى فـي إرثهـم خـلاف
للعلمـــاء وهمـو أصنــاف
أربعــة كـولــد البنــــات
وســاقط الأجــداد والجــدات
وولــد الأخت وكـالعمــــات
وكبنــات العـم والخــــالات
وفيه مذهبـــان ذا النجــابـة
والـراجــح التـنزيل لا القـرابة
باب: ميراث المفقود والخنثى المشكل والحمل
وكـل مفقــود وخنثى أشكــلا
وحمــل اليقـينُ فيـه عمــلا
باب ميراث الغرقى ونحوهم
وإن يمـت جـمع بشيء كالغـرق
ولـم يكـن يعلم عين من سـبق
فلا تـورث بعضهـم مـن بعـض
وبالـتراث لســــواهم فـاقض
هـذا ومــا أوردتــه كفـايـة
لطــالب الفـن وذي العنــايـة
وقد غـدت أبيـاتهـا إثني عشـر
مـع مئـة مثـل قـلائـد الـدرر
والحـمد للـه علـى التمـــام
ثم صـــلاتـه مـع الســلام
على النبي المصطفى المختـــار
وآلـه وصحبــه الأبـــــرار


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مما وقع الخلاف فيه من المسائل: إرث ذوي الأرحام . لم يورثهم كثير من العلماء كالشافعية، وورثهم الإمام أحمد إذا لم يوجد غيرهم.
وذلك لأنهم أولى من بيت المال، وأولى من المولى المعتق، أو ذريته وورثته؛ ولأنه قد جاء ذكرهم من حيث الإجمال في قول الله تعالى في آخر الأنفال: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ وكذا جاءت هذه الجملة في سورة الأحزاب: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؛ وإذا كان بعضهم أولى ببعض فمن باب الأولوية تقديمهم بمال قريبهم، كما أن عليه أن يصلهم؛ لقول الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ أي: .
وهم بلا شك لهم قرابة يدرون بها؛ ولأن بعضهم قد تجب نفقته مثل: أولاد البنات، تجب نفقتهم على جدهم - أبي الأم - إذا افتقروا؛ ولأنهم قد ينفقون -أيضًا- على جدهم إذا كان فقيرًا، يلزمهم أن ينفقوا عليه، ولا تحل لهم زكاته، ولا يحل له أن يدفع زكاته إليهم؛ بل ينفق عليهم من ماله؛ ولأنهم قد يكونون من الأصول ومن الفروع، ولو كانوا غير وارثين.
وقد ورد الوعيد في قطيعتهم، في إثم من قطع الرحم ، كقوله تعالى: وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ أي: من القرابات، يقطعون أرحامهم، وكذلك قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ والأحاديث كثيرة في الأمر بصلة الرحم، والأمر بالإحسان إلى الأقارب، وما أشبه ذلك، وكذلك التحذير من قطيعة الأرحام.
لا شك أن ذلك كله مما يبين أنهم أولى بالأموال التي تركها قريبهم، فلهم حق عليه في الحياة، فكذلك بعد الموت إذا لم يكن هناك من هو أقرب منهم. لا شك أنه يقدم عليهم العصبة؛ ولو كانوا بعيدين؛ ولو كان ابن ابن ابن عم، أو ابن ابن ابن عم أب، أو عم جد، أو جد جد؛ فإنه من العصبة الذين يقول - صلى الله عليه وسلم - فلأولى رجل ذكر فالعصبة يرثون بالتعصيب، ويأخذون ما بقي؛ ولكن قد يوجد من ليس له عصبة، فإذا وجد من ليس له عصبة وله أصحاب فروض فإنهم -أيضًا– يقدمون؛ بحيث أن صاحب الفرض يأخذ المال كله فرضًا وردًّا؛ حتى ولو كان فرضه السدس كالأخ لأم والجدة يعطى المال كله فرضًا وردًّا، وكذا الزوج أو الزوجة على أحد الأقوال أنه – أيضًا - يأخذ المال فرضًا وردًّا؛ ولكن كثير من العلماء قالوا: لا يرد على الزوجين؛ وذلك لأنهما - غالبًا - من الأجانب، وإذا كان كذلك فقد يعدمون كلهم، ويكون هناك ذوو أرحام، فالقول بتوريثهم هو أقوى الأقوال؛ لقرابتهم.